يكشف هذا الكتاب وجهاً آخر لاهتمامات مل الفكرية. فمن المعروف أن جون ستيورات ميل كان مشغولاً بشكل عام بقضية العقل، الحرية والاقتصاد وقضية الدين والفلسفة. وقد كتب عن بعضها بصورة تفصيلية، بل إنّ له الريادة في بعض منها كموضوع تحرير المرأة، وقضية الحرية، وقضايا الأقليات في الدولة الديمقراطية والدور الذي يمكن أن تلعبه في تعزيز كيان وقوة الدول الحديثة. كما لعبت أفكاره، خصوصاً المتعلّقة بالدفاع عن مساواة المرأة وقضية الحرية والديمقراطية، دوراً كبيراً في تطوّر الفكر السياسي الغربي خاصة والإنساني عامة. يُعتبر مل، حسب موسوعة ستاندفورد للفلسفة: "أشهر فيلسوف أخلاقي بريطاني وأكثرهم تأثيراً في القرن التاسع عشر... وقد قدّم مساهمات مهمة في المنطق والميتافيزيقا ونظرية المعرفة والأخلاق والفلسفة السياسية والنظرية الاجتماعية... وربما كان الداعم الرئيسي لاثنين من التقاليد المعيارية التأريخية المهمة - النفعية والليبرالية". لم يُعرف عن مل لدى القاريء العربي اهتمامه بالشعر، بل طغت السمات الأخرى عليه كونه فيلسوفاً ومفكراً عقلانياً منشغلاً بقضايا الفكر التجريبية والعقلية. ولكن تعامله مع الشعر بدأ في وقت مبكر من حياته، أو كما يقول هو، بعد أن أصيب بمحنة نفسية في بداية شبابه: "بدأت أكتشف الآن أنني أعثر على معنى في الأشياء التي قرأتها أو سمعتها عن أهمية الشعر والفن باعتبارهما أدوات للثقافة الإنسانية".